21

هل يوجد تشابه بين قرآن مسيلمة وقرآن محمد ص ؟

لا شك أن أرواح الوحي عند مسيلمة وعند الرسول كانوا على اتصال فيما بينهم غير أن عملية الوحي ابتدأت عند مسيلمة، وما شرع الروح الأمين بوحي القرآن على الرسول إلا بعد مدة.

ومما يدل على تداخل الوحي عند الإثنين شهادة الرحال بن عنفوة:

[وشهد "الرحال بن عنفوة" أن رسول الله أشركه، أي أشرك مسيلمة، في الأمر، فتبعه الناس. وكان "الرحال" قد تعلم سورا من القرآن، فنسب إلى "مسيلمة" بعض ما تعلم من القرآن،...].

الرحال رضي الله عنه لم يكن كاذبا فقد شهد له التاريخ بالتقوى والاستقامة: إذا كان ينسب إلى "مسيلمة" بعض ما تعلم من القرآن فإن ذلك يعني أن بعضا من الآيات القرآنية كانت قد نزلت على مسيلمة عليه السلام قبل أن يوحى بها أو بمثلها إلى الرسول ص.
والرحال كان يعرف ذلك حق المعرفة فقد كان يؤمن بنبوتهما معا وبأنهما كانا مشتركين في نفس الرسالة.

في المفصل عن الرحال بن عنفوة:

[وهو من وجوه "بني حنيفة" واسمه "نهار"، وكان في الوفد الذي جاء إلى الرسول، وقد اختلف إلى " أُبَي بن كعب" ليتعلم منه القرآن،...، وقد تعلّم سورة البقرة وسُوَرا من القرآن.].

[وذُكر أنه كان على غاية من الخشوع واللزوم لقراءة القرآن والخير، ثم انقلب على عقبيه وصار من أشد أعوان مسيلمة المقربين له، فشهد له أن الرسول أشركه معه في الأمر. وكان أحد وفد "بني حنيفة" إلى رسول الله،...]...

[وكان معه نهار الرجال بن عنفوة، وكان قد هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ القرآن، وفقه في الدين، فبعثه معلمًا لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، وليشدد من أمر المسلمين، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، شهد له أنه سمع محمدًا، صلى الله عليه وسلم، يقول: إنه قد أُشرِك معه، فصدقوه واستجابوا له، وأمروه بمكاتبة النبي صلى الله عليه وسلم، ووعدوه إن هو لم يقبل أن يعينوه عليه، فكان نهار الرجال بن عنفوة لا يقول شيئًا إلا تابعه عليه، وكان ينتهي إلى أمره، وكان الذي يؤذن له: عبد الله بن النواحة، وكان الذي يُقيم له "حجير بن عمير"،...]

قال :

"وقرأ القرآن، وفقه في الدين، فبعثه معلمًا لأهل اليمامة" هذا شيء طبيعي نظرا للمعاهدة التي أبرمت بين الرسولين.

أما قوله :

[وليشغب على مسيلمة، وليشدد من أمر المسلمين، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة].
فهو بطبيعة الحال كذب وبهتان وتحريف للحقائق. فالرجل كان متشبثا بالحق مدافعا عنه باستماتة حتى قتل شهيدا. وهل يعقل أن يأمر الرسول الأكرم أحدا ليقوم بمثل هذا الدور الحقير ؟

ونسبوا إلى مسيلمة آيات منها:

[والشمس وضحاها، في ضوئها ومجلاها. والليل إذا دعاها، يطلبها ليغشاها، فأدركها حتى أتاها، وأطفأ نورها فمحاها.]
ومنها:
[سبح اسم ربك الأعلى، الذي يسر على الحبلى، فأخرج منها نسمة تسعى من بين أحشاء ومعى، فمنهم من يموت ويدس في الثرى، ومنهم من يعيش ويبقى إلى أجل ومنتهى، والله يعلم السرّ وأخفى، ولا تخفى عليه الآخرة والأولى].

 ومنها أيضا:

[اذكروا نعمة الله عليكم واشكروها؛ إذ جعل لكم الشمس سراجاً، والغيث ثجاجاً، وجعل لكم كباشًا ونعاجاً، وفضة وزجاجاً، وذهبا وديباجاً، ومن نعمته عليكم ان أخرج لكم من الأرض رماناً، وعنباً، وريحاناً، وحنطة و زؤانًا].

بالرغم من تحريفهم لكلامه يبدوا جليا أن الوحي كان يأتي لمسيلمة بآيات لا تقل جودة عن آيات القرآن الكريم. أما تشابه آياته مع آيات القرآن الكريم فراجع إلى كونهما يستقبلان الوحي من ملائكة على اتصال فيما بينهم. ومن الراجح جدا أن تكون الصيغة الأصلية لهذه الآيات قد نزلت على مسيلمة قبل أن ينزل مثلها على الرسول ص لأن الوحي بدأ بمسيلمة كما ذكرنا.

في القرآن الكريم:

ألَمْ نَجْعَلِ الأَرْض مِهَادًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا، وَخَلَقْنَاكُم أَزْوَاجًا، وَجَعَلْنَا نَوْمَكُم سُبَاتًا، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا، وَجَعَلْنَا النَّهَار مَعَاشًا، وَبَنَيْنَا فَوْقَكُم سَبْعًا شِدَادًا، وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا، وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا، لِنُخْرِج بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا، وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا.

وفي خبر متواتر:

[كان مؤذن مسيلمة يقول: أشهد أن محمدا ومسيلمة رسولا الله، وكانوا يجعلون محمدا ومسيلمة سواء]. وفي هذا دلالة ضمنية على العهد الذي كان بين الرسول ومسيلمة.