10

لماذا أحرق أبو بكر ما بحوزته من حديث ؟

خلافا لما يعتقده الشيعة فإن أشد ما كان يخشاه أبو بكر هو مسيلمة، وليس آل البيت، فمسيلمة، "رحمن اليمامة" الذي كفرت به قريش في بداية الرسالة وثارت في وجه الرسول بسببه، ها هو الآن رسول يستقبل الوحي بعد وفاة الرسول ص، وبما أن الرسول قد اعتبره شريكا له في نفس الرسالة فإن القرآن سيستمر في النزول على مسيلمة وسيقصده الناس من كل فج عميق ليسألوه عن أمور دينهم ودنياهم وليتبركوا به ويَحضَوا بصحبته، وما على الجميع الآن إلا أن يطيعوه ويقبلوا به كإمام لهم، وهذا أمر لا يمكن لقريش أن تقبل به أبدا، لأن قبوله سيُؤوَّل على أنه اعتراف بِسُمو بني حنيفة عليهم، وسيرفع من قدر مسيلمة إلى درجة الرسول الأعظم الذي به ابتدأت الرسالة وبه ستنتهي. لا بد إذن من إتلاف أي حديث فيه إشارة إلى مسيلمة. ولا سيما أن أبا بكر عازم كل العزم على التخلص منه  ومحو كل أثر لقرآنه وتراثه، وليس له أي خيار غير هذا إذا أراد أن يحتفظ لقريش بما حققته في حياة الرسول من جاه وسؤدد وما حصلت عليه من موارد مالية مهمة.
تصور لو لم يحرق أبوبكر الخمسمائة حديثا واطلع عليها الناس وكان من بينها اثنان أو ثلاثة فقط تعترف بنبوة مسيلمة واشتراكه مع الرسول في الرسالة فهل كان سيتجرأ على محاربة مسيلمة ؟

لا شك أن الأحاديث التي أحرقها أبو بكر كانت تتضمن أشياء ذات أهمية قصوى بالنسبة لمستقبل الإسلام، من المحتمل جدا أن يكون من بين هذه الأحاديث معاهدة أو تحالف بين الرسولين الأكرمين محمد ومسيلمة عليهما الصلاة والسلام.  فإحراق أبي بكر للأحاديث جعل رسالة الإسلام تنحرف عن مسارها الطبيعي، ودشن عهد الإرهاب الذي تفشى منذ ذلك الحين بين المسلمين إلى يومنا هذا.

ورد عن عائشة أنَّها قالت:

 [ جَمَع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب كثيراً.
 قالت: فغمّني، فقلت: أتتقلّب لشكوى أو لشيء بَلَغك؟
 فلمّا أصبح قال: أي بُنيّة، هَلُمِّي الاَحاديث التي عندك. فجئته بها، فدعا بنار فحرقها. فقلت: لِمَ أحرقتها؟
 قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنتُه ووثقتُ، ولم يكن كما حدّثني فأكون نقلت ذلك.]

جواب أبي بكر لابنته، إذا كان فعلا على هذا النحو، فهو غير مقنع بالمرة، لأنه كان بإمكانه الإحتفاظ بالأحاديث التي سمعها هو بنفسه من رسول الله.